“الجديدة” في قبضة النفايات: دفتر تحملات مشبوه يغرق في أزمة تسيء لـ “جوهرة دكالة”

1699682165

تجد مدينة الجديدة، التي تحمل دلالة التجديد والتطور في اسمها، نفسها في قلب أزمة بيئية وجمالية حادة، حيث تستمر إشكالية النظافة في إلقاء بظلالها القاتمة على المشهد الحضري للمدينة الساحلية العريقة، التي تُعرف بلقب “جوهرة دكالة”. فالمشاهد المتكررة لتراكم الأطنان من النفايات المنزلية والمخلفات في الأحياء الرئيسية وعلى مستوى الشريط الساحلي أصبحت سمة دائمة، مما يثير استياء عميقاً لدى الساكنة والزوار على حد سواء، ويطرح علامات استفهام كبرى حول فعالية التدبير المفوض لهذا القطاع الحيوي.

إن تدهور مستوى النظافة ليس مجرد مسألة جمالية عابرة، بل هو مؤشر على اختلالات عميقة في الحكامة المحلية ويشكل تهديداً مباشراً للصحة العامة والبيئة. فالنفايات المتراكمة، خاصة في المناطق القريبة من الأسواق والتجمعات السكنية، تتحول إلى بؤر لتكاثر الحشرات والقوارض، مما ينذر بتفشي الأوبئة والأمراض، ويساهم في تلويث الهواء وتشويه الصورة السياحية للمدينة التي تعتبر وجهة صيفية رئيسية. هذا الواقع يتناقض بشكل صارخ مع الموقع الجغرافي المتميز للجديدة وإمكاناتها الكبيرة لجذب الاستثمارات وتنشيط السياحة.

وتشير التساؤلات المطروحة إلى وجود فشل في تطبيق بنود العقود المبرمة بين المجلس الجماعي والشركة المكلفة بالتدبير المفوض للنظافة. فبينما يتم تخصيص ميزانيات ضخمة لهذا القطاع، يظل الأداء دون المستوى المطلوب، سواء من حيث الانتظام في عمليات الجمع، أو جودة المعدات المستخدمة، أو نطاق التغطية الذي غالباً ما يستثني الأحياء الهامشية. هذا التفاوت يدفع نحو المطالبة بضرورة مراجعة شاملة لدفتر التحملات، وتفعيل آليات المراقبة والمساءلة بشكل صارم، وصولاً إلى فرض الجزاءات اللازمة أو حتى فسخ العقد إن ثبت التقصير المتواصل والمضر بالمصلحة العامة.

إن استمرار هذه الأزمة في وقت تتطلع فيه المملكة إلى الارتقاء بجودة الحياة في مدنها وتأهيل بنيتها التحتية استعداداً لاستحقاقات عالمية (مثل مونديال 2030)، يضع المجلس الجماعي للجديدة أمام مسؤولية تاريخية. المطلوب اليوم ليس مجرد حملات موسمية أو حلول ترقيعية، بل إستراتيجية متكاملة ومستدامة للنظافة، تبدأ من التوعية والتحسيس لدى المواطنين بضرورة فرز النفايات، ولا تنتهي بفرض الرقابة الصارمة على الشركة المسؤولة، لتعود “الجديدة” اسماً وفعلاً، وتستعيد بريقها كـ مدينة نظيفة تليق بمكانتها التاريخية والسياحية.

About The Author