توظيف التعليم: حكومة أخنوش بين قرارات متناقضة وضغوط شعبية متصاعدة
قررت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة رفع سن الترشح لمباريات ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين إلى 35 سنة، بعد أن كان محدداً بـ30 سنة فقط. القرار جاء استجابة لضغوط الشباب الحاصلين على الشهادات الجامعية، الذين اعتبروا السن السابق قيداً غير منصف، في ظل تأخر التخرج وصعوبات الاندماج بسوق الشغل.
لكن هذه الخطوة تكشف من جديد ارتباك الحكومة في السياسات العمومية للتوظيف. فقبل أربع سنوات، عندما كان الوزير السابق بنموسى على رأس وزارة التربية، تم تحديد السن بـ30 سنة، واليوم، مع اقتراب الاستحقاقات التشريعية وضغوط الشارع، يتم رفعه إلى 35 سنة. هذا التذبذب يعكس عدم قدرة الحكومة على وضع رؤية واضحة ومستدامة، ويبرز هشاشة التخطيط الاستراتيجي في قطاع حيوي مثل التعليم.
الزيادة بخمس سنوات، رغم أهميتها الرمزية، لا تعالج الإشكال الجوهري المتمثل في اعتماد العمر معياراً للانتقاء، بينما يُفترض أن تكون الكفاءة والاستحقاق هما المقياس الحقيقي للوصول إلى الوظيفة العمومية. هذه المقاربة تجعل من السن أداة تمييز مقنّع تتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله الدستور.
في المقابل، تحركت مبادرات شبابية ومجتمعية لإطلاق عرائض وطنية تطالب بإلغاء سقف السن نهائياً، معتبرة أنه حاجز اصطناعي أمام الشباب الذين طال بهم أمد الدراسة أو واجهوا صعوبات اقتصادية حالت دون التحاقهم بسوق الشغل في الوقت المناسب.
المراقبون يرون في هذا الجدل مؤشراً على أزمة بنيوية في السياسات الحكومية، إذ يظل القطاع العام المنفذ الرئيس للخريجين أمام ضعف فرص الشغل في القطاع الخاص، وغياب دعم حقيقي للمبادرات الفردية. رفع السن قد يخفف الضغط مؤقتاً، لكنه لن يضع حداً لمطالب الشباب بتحقيق مساواة حقيقية في التوظيف، وربط الوصول للوظيفة بالكفاءة لا بالعمر.
في المحصلة، يظهر جلياً أن كل تعديل شكلي يظل حلاً مؤقتاً، وأن الحكومة مطالبة اليوم بوضع استراتيجية شاملة تعالج أزمة التوظيف بين التعليم وسوق الشغل، وتضمن العدالة والمساواة للشباب الطامح إلى الانخراط في الوظيفة العمومية.
