زلزال “تضارب المصالح” يهز بلدية الجديدة: توقيف نائب الرئيس يفتح ملف الرقابة الإدارية على المنتخبين
شهد المشهد السياسي المحلي لمدينة الجديدة تطوراً لافتاً ومُدوياً يعكس تشديد آليات الرقابة الإدارية والقضائية على المنتخبين. حيث أصدرت عمالة إقليم الجديدة، ممثلة في عامل الإقليم (قبل الحركة الأخيرة للولاة والعمال)، قراراً حاسماً يقضي بـ التوقيف المؤقت لنائب رئيس المجلس الجماعي للمدينة عن ممارسة مهامه.
لم يأتِ هذا القرار اعتباطياً، بل جاء نتيجة شبهات قوية تتعلق بـ “تضارب المصالح”، وهو خرق إداري وقانوني خطير يطال مبادئ الشفافية والنزاهة في تدبير الشأن العام المحلي.
سيف القانون المسلط: المادتان 64 و 65 حيز التنفيذ
يستند قرار التوقيف الإداري إلى المقتضيات الصارمة لـ المادتين 64 و 65 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات. وتمنح هذه المواد عامل الإقليم صلاحية توقيف المنتخب الذي يرتكب أفعالاً مخالفة للقانون، أو يخل بالتزاماته المهنية، أو يدخل في حالة تضارب مصالح مع الجماعة التي ينتخب فيها.
الجدير بالذكر أن الإجراء الحالي هو توقيف مؤقت واحترازي، حيث قام عامل الإقليم بإحالة ملف المعني بالأمر على أنظار المحكمة الإدارية بالدار البيضاء. وبذلك، يظل نائب الرئيس موقوفاً عن ممارسة مهامه إلى حين صدور الحكم النهائي للقضاء الإداري، الذي سيفصل بشكل قاطع في طلب العزل بعد دراسة المعطيات والحجج المتعلقة بحالة تضارب المصالح المنسوبة إليه.
دلالات القرار وتداعياته السياسية
يُشكل هذا الحادث دلالة سياسية وإدارية بالغة الأهمية على مستويين:
تعزيز سلطة الرقابة الإدارية: يؤكد قرار التوقيف أن الإدارة الترابية، ممثلة في العمالة، باتت تفعيل دورها الرقابي بصرامة وحزم لمكافحة الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات المنتخبة. ويُعد التوقيف إجراءً رادعاً وخطوة إيجابية نحو تطهير المجالس المنتخبة من أي ممارسة تشوبها شبهة استغلال الموقع لتحقيق منفعة شخصية.
إعادة تقييم “النزاهة” في الجديدة: يأتي هذا التطور في وقت يواجه فيه المجلس الجماعي للجديدة انتقادات لاذعة من المعارضة والفاعلين المدنيين حول سوء تدبير عدة ملفات حيوية (النظافة، النقل، البنية التحتية). ويُضيف ملف تضارب المصالح ضغطاً إضافياً على المكتب المسير الذي يُتهم بإفلاس الميزانية والفشل في تحقيق التنمية المنشودة.
إن هذا الملف، الذي انتقل من الرقابة الإدارية إلى يد القضاء الإداري، يرسخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ويعزز الاعتقاد بأن زمن الإفلات من العقاب في تدبير الشأن المحلي قد ولى، وأن النزاهة والشفافية لم تعد مجرد شعارات، بل مقتضيات قانونية يتم تطبيقها بصرامة على جميع المنتخبين. وتنتظر الأوساط السياسية والرأي العام بالجديدة كلمة القضاء الإداري التي ستحسم مصير نائب الرئيس بشكل نهائي.
