ملاعب القرب بالجديدة: استثمار ضائع بين الإهمال و”ريع” التسيير.. ومهمة ثقيلة تنتظر العامل الجديد

571101971_1619183155869188_675028673557746479_n

شهدت مدينة الجديدة، كغيرها من المدن المغربية، توسعًا ملحوظًا في إنشاء ملاعب القرب ، تلك الفضاءات الرياضية التي تشكل شريان الحياة للشباب والأطفال، وتُعد استثمارًا حيويًا في الرأسمال البشري ومكافحة الآفات الاجتماعية كالإدمان والعنف. لكن، ما يُلاحظ في عاصمة دكالة هو أن هذا الاستثمار النبيل يواجه تحديات جمة، محوّلاً هذه الملاعب من فضاءات للرياضة والاندماج إلى مرافق تُصارع الإهمال وتثير تساؤلات حول عدالة تسييرها.

صرخة ملاعب تحتضر: غياب الصيانة وتهديد الاستدامة

الهدف من إنشاء الدولة لملاعب القرب هو توسيع القاعدة الرياضية وتوفير فضاءات آمنة ومتاحة للجميع. إلا أن الواقع في الجديدة يكشف عن صورة مغايرة ومؤسفة. فعديد من هذه الملاعب، التي استنزفت ميزانيات هامة، أصبحت “تحتضر” بسبب غياب الصيانة والإهمال، ما أدى إلى تدهور حالتها بسرعة.

تلف الأرضيات، تخريب السياجات وسرقة التجهيزات الأساسية، باتت مشاهد متكررة تهدد سلامة مستخدميها. بل وصل الأمر إلى حرمان الأطفال والشباب من استغلالها بالشكل الأمثل، الأمر الذي يناقض الغرض الأساسي من إنشائها. هذا التدهور السريع غالبًا ما ارتبط بـانسحاب حراس الأمن الخاص بعد تعثر أداء أجورهم، ما فتح الباب أمام التخريب وتسهيل الاستيلاء عليها.

التسيير: من فضاء عمومي إلى حكر خاص

بالإضافة إلى الإهمال المادي، يطرح موضوع تسيير هذه الملاعب علامات استفهام كبرى. فبدل أن تكون هذه الفضاءات في خدمة عموم المواطنين، هناك اتهامات تشير إلى تحولها إلى “حكر” و”ريع” يُدار بمنطق “باك صاحبي”، حيث يتم تفويض مهام تسييرها لجمعيات أو جهات، في بعض الأحيان، تستخلص مبالغ مالية مقابل استغلالها دون ضمان الحفاظ على جودتها، ما يحرم فئات واسعة من الشباب من حقها في ممارسة الرياضة في بيئة سليمة ومجهزة.

هذا النمط من التسيير يهدد بتحويل المبادرة الملكية النبيلة لدعم الرياضة والشباب إلى أداة للاستفادة غير العادلة، مما يوجب وضع كناش تحملات واضح المعالم وشروط صارمة لضمان حماية هذه المرافق وجودتها واستفادة الجميع منها.

العامل الجديد، صالح داحا: ملف “ملاعب القرب” على الطاولة

في ظل هذه الاختلالات، تشكل قضية ملاعب القرب المهملة وغير المستغلة بشكل عادل، أحد الملفات الرئيسية التي تنتظر العامل الجديد لإقليم الجديدة، السيد صالح داحا، المعين حديثاً (في 19 أكتوبر 2025).

المعطيات المتوفرة حول العامل داحا، الذي عُرف بتنقله بين أقاليم مختلفة، تشير إلى أنه يُنتظر منه ترجمة رؤيته القائمة على سياسة القرب والإنصات، وهو ما يجب أن يبدأ بمعالجة وضعية هذه الملاعب.

فعاليات المدينة تنتظر تدخلاً عاجلاً من السيد داحا للوقوف على هذه الاختلالات، بدءاً من:

  1. المراقبة والتدقيق: فتح تحقيق في صفقات الإنجاز ووضعية التسيير والجمعيات المشرفة.
  2. الصيانة المستعجلة: تخصيص ميزانية لترميم الملاعب المتدهورة وتعويض التجهيزات المسروقة والمتلفة.
  3. الحكامة الرشيدة: وضع آليات تسيير فعالة وشفافة تضمن استدامة الملاعب ومجانيتها أو إتاحتها برسوم رمزية تراعي الظروف الاجتماعية، بعيداً عن منطق الريع.

إن ملاعب القرب تمثل استثماراً في المستقبل، ونجاحها يقاس بمدى قدرتها على استقطاب الشباب وتحصينهم. إنها دعوة للسيد العامل الجديد للجديدة، صالح داحا، لوضع حد لـ”احتضار” هذه الملاعب وإعادتها لأصحابها الشرعيين: أطفال وشباب مدينة الجديدة.

About The Author